في التحقيق التالي، نناقش أسباب هذه الظاهرة وكيفية التغلب عليها، خصوصاً أن مسؤولي المدارس يحملون أولياء الأمور مسؤولية تغيب الأبناء.

وأكد عدد من مديري المدارس، أن الغياب يؤثر بشكل سلبي وعميق في المستوى الأكاديمي للطالب، وقال أنس عادل الخنوس مدير مدرسة خاصة بأبوظبي، إن الوالدين هما المسؤولان في المقام الأول عن التزام الطالب وحضوره، ثم يأتي دور المدرسة بالتوعية والترغيب وجعل المدرسة بيئة جاذبة للطالب ترغبه في الحضور إليها لتقوم بدورها مؤسسةً تربوية وتعليمية.

وأضاف أن المدرسة تقوم بنشر سياساتها عبر مواقع التواصل الخاصة بها وعبر قسم الخدمة الاجتماعية بالتوجيه الجمعي والفردي منذ اليوم الأول للدراسة، وتعتبر المراحل الثانوية الأكثر غياباً دون غيرها ويكون ذلك في أغلب الأحيان نهاية الأسبوع، خاصة يوم الجمعة، وقبل وبعد الإجازات الرسمية لارتباطهم بالسفر مع أولياء أمورهم.

ويرى ضرورة تطبيق تعليمات الحضور والغياب حسب دليل سياسات المدارس الخاصة، وتقوم المدرسة بنشر هذه التعليمات على جميع الطلبة ومن خلال الإشراف ومشرفي الأقسام والخدمة الاجتماعية، وتحتفظ المدرسة بسجلات الحضور والغياب، وفي حالة غياب الطالب يتم الاتصال مع ولي الأمر، ويتم تطبيق نظام الحضور والغياب على الطلبة؛ بحيث يتم الفصل بين غياب بعذر أو بدونه، ويكون الطالب مسؤولاً عن إنجاز الواجبات المدرسية أثناء غيابه، فهذه مسؤولية الطالب.

وأضاف الخنوس، أن للمدرسة الحق في فصل الطالب في حالة غيابه أكثر من عشرة أيام متصلة أو خمسة عشر يوماً منفصلة خلال العام الدراسي ما لم يقدم عذراً مقبولاً، ولا يتم اللجوء إلى العقاب مثل خصم درجات السلوك أو الفصل إلا في حالات نادرة، والنسبة الأكبر من الطلبة ملتزمة بالحضور المدرسي، ويكون الغياب في أغلب الأحيان بعذر طبي مقبول ونادراً ما يحدث غياب جماعي للطلبة.

ضرر كبير

قال محمد نظيف مدير مدرسة خاصة في أبوظبي، تعد قضية غياب وتأخير الطلاب عن المدرسة من القضايا التي تستدعي اهتمامنا واهتمام أولياء الأمور، فالغياب والتأخير لهما تأثير كبير في تحصيل الطلاب وتطورهم الأكاديمي، ويزيد المسافة بين مستواهم الأكاديمي وتوقعات المنهاج و كذلك أداء الأقران.

وأوضح أنه نظراً للضرر الكبير المرتبط بغياب الطالب، تناولت لائحة السلوك الطلابي هذه القضية واعتبرت الغياب تصرف يستدعي إجراءات وعقوبات مغلظة، قد تصل في بعض الأحيان إلى إلغاء تسجيل الطالب، وهنا لا نقصد الغياب بعذر مقبول أو الغياب المرضي.

وأضاف أنه يلاحظ أن غياب طلاب مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الثانوية أكثر من غيرهم، لذلك تحرص المدارس على زيادة إجراءات التوعية مع الطلاب وعبر التحديثات الشهرية التي ترسل لأولياء الأمور، إضافة إلى تطبيق لائحة السلوك والانضباط بعدالة وتحفيز.

وقال: نؤمن بأهمية هذا الموضوع ونحرص على العمل بجد لتعزيز التواصل والتفاهم مع أولياء الأمور والطلاب لضمان تحقيق أفضل تجربة تعليمية تعتمد بشكل أساسي على قناعة الطالب وولي الأمر بأهمية وقت وأيام التمدرس.

يوم الجمعة

قالت فاطمة الصرايرة أخصائية نفسية في مدرسة الفلاحية بأبوظبي، بعد تغير نظام الدوام الرسمي وجعل يوم الجمعة نظام دوام جزئي، لوحظ ظاهرة غياب طلاب الثانوية وبشكل خاص يوم الجمعة، وقد تكون لها عدة أسباب أهمها تعود إلى أن يوم الجمعة مخصص للإجازة على الرغم من قلة عدد ساعات الدوام، لذلك قامت أغلب المدارس بجعل يوم الجمعة مخصص للأنشطة والفعاليات المنهجية واللامنهجية، خصوصاً في بداية كل فصل دراسي، وتتم دراسة حالات الغياب وتكريم الطلبة المميزين بالحضور لتعزيز باقي الطلاب بعدم الغياب.

وأوضحت أنه يتم تطبيق لائحة السلوك في المدارس والتشديد على الغياب؛ إذ يتم حصر حالات الغياب بشكل يومي من قبل الأخصائيين الاجتماعيين وأهمية التواصل مع أولياء الأمور لمعرفة أسباب الغياب وأخذ بعين الاعتبار مراعاة حالات الأسباب المرضية، ولدور حماية الطفل في حالات الغياب المتقطع من الأهمية شرح لائحة السلوك للطلبة بشكل دوري ومراعاة المراحل العمرية، ففي المرحلة الأولى من الممكن استخدام الفيديوهات النموذجية للائحة السلوك، وعقد ورش مدرسية لأولياء الأمور وتوزيع كتيبات للطلبة في الحلقة الثانية والثالثة.

النصح والإرشاد

لفت أحمد حسن أخصائي اجتماعي في مدرسة بأبوظبي، إلى عمل لقاءات مع أولياء الأمور واطلاعهم على لائحة السلوك الصادرة من وزارة التربية، ومؤسسة التعليم المدرسي، كما يتم إرسال رسائل نصية لأولياء الأمور والطلبة بهذا الخصوص، حتى يتجنبوا عقاب الغياب المتكرر، ويتم التنبيه عليهم بوضع درجات السلوك للطلبة متكرري الغياب والحرص على الحضور المبكر للمدرسة من خلال متابعة ولي الأمر والمدرسة.

وأضاف أن هناك لقاءات مع الطلبة بالنصح والإرشاد والتوجيه من خلال المقابلات الصفية أو عن طريق الإذاعة المدرسية أو المقابلات الفردية، مشيراً إلى أن أغلب الغيابات تكون بأعذار طبية مقبولة.

إعادة الشرح

قالت هديل سامي حجة معلمة لغة عربية بإحدى المدارس الخاصة في أبوظبي، قد يتعرض الطالب لحالات مختلفة تستدعي غيابه من المدرسة، حيث إنه أمر طبيعي وقد يحدث لأي طالب، لكن المسؤولية هنا تقع على الطالب نفسه، حيث إن هناك طلاباً يتغيبون يوماً دراسياً كاملاً، ويداومون في اليوم الثاني وكأنهم لم يتغيبوا ولم يفوتوا شيئاً، وتتكرر هذه المشكلة عند بعض الطلبة، وهناك فئة من الطلبة وفي حال الغياب تحرص على السؤال عما فاتهم من دروس سواء بسؤالي أو سؤال زملائهم، وهذه الفئة أحرص كل الحرص على مساعدتها وتقديم الدعم لها، ومحاولة شرح ما فاتها في حال تعثرهم في بعض الاستفسارات.

وأوضحت أن هناك فئة أخرى من الطلبة «متعبين» كما وصفتهم، حيث ينتج عن غيابهم يوم دراسي أو أكثر عدم فهمهم لبقية الدروس، حيث فاتهم جزئية، وعليه يبنى عليه عدم فهمهم لباقي الدرس، وتعد هذه الفئة هم الطلاب المتدنون في التحصيل الدراسي، مشيرة إلى أنه لهذه الفئة من الطلاب في حال تكرار غيابهم يؤثر في سير الحصص الدراسية.

دوام عن بعد

قالت (حنان) ولية أمر لثلاثة طلاب، إن أولادها يتغيبون في بعض الأحيان يوم الجمعة، لأن الدوام قصير، وكوني موظفة في قطاع خاص لا يسمحون لنا بالاستئذان دائماً حتى نأخذ أبناءنا من المدرسة، فأفضل غياب أبنائي عندما يكون الدوام فعاليات وأنشطة، أما عندما يكون هناك يوم دراسي أو امتحان لا يتغيبون في هذا اليوم، وأفضل أن يكون دوام يوم الجمعة عن بعد ويكون للدراسة، وبالتالي تكون نسبة الغياب أقل.

فيما قالت عهد الزعبي ولية أمر، إن أبناءها لا يتغيبون عن المدرسة إلا في حال مرضهم ويكون الغياب بعذر مقبول، وفي يوم الجمعة أكثر الطلبة يغيبون ولا يكون هناك شرح لدروس، وتفضل المعلمة شرح الدرس عند حضور جميع الطلاب ويتأجل الدرس لبداية الأسبوع التالي، وأن يوم الجمعة يكون للأنشطة ونادراً ما يكون هناك يوم دراسي.